News Agency:News
حسین أمیرعبداللهیان : الزیارة الأربعینیة تجسید للتضامن، وملتقى الأحرار ودعاة الحریة
إن مسیرة أربعینیة استشهاد الإمام الحسین (ع) باعتبارها إحدى أکبر تجمعات المجتمع الإنسانی فی العالم فهی حرکة عظیمة وأصیلة ومتجذرة، یجتمع فیها سنویاً ملایین المسلمین من جمیع أنحاء العالم بمختلف جنسیاتهم، وألوانهم ولغاتهم. الأربعینیة الحسینیة هی رمز لمکافحة الظلم والدعوة إلى الحریة ونموذج لنضال لا نهایة له من أجل تحقیق العدالة فی العالم. وهناک عناصر أساسیة للمسیرة الأربعینیة تعتبر ضمن مؤشرات الحضارة الإسلامیة الحدیثة منها الإیمان بالدین والاعتماد على الله، والأخلاق، والعدالة، والدفاع عن المظلومین فی العالم، والتقارب بین الدول الإسلامیة، ومواجهة نظام الهیمنة وتحقیق فکرة الأمة الإسلامیة الواحدة، وغیرها.
حسین أمیرعبداللهیان/ وزیر الشؤون الخارجیة فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة  بسم الله الرحمن الرحیمالیوم، جذبت معالم الأربعین المعنویة والروحیة والاجتماعیة قلوب الملایین من الناس، لأن دعوة الإمام الحسین (ع) إلى الحق والحقیقة تجسدت فی إحیاء القیم الدینیة والإنسانیة الأصیلة. ولحسن الحظ، فإن مواکب مشایة الأربعین الحسینی تکتسب المزید من الأبعاد الدولیة کل عام، وتحولت هذه المسیرة العظیمة تدریجیا إلى "رمز ونموذج عالمی".ومما لا شک فیه، ونظراً لوجود جنسیات مختلفة خلال الزیارة الأربعینیة، یمکننا استغلال هذه الفرصة المهمة لإجراء حوارات ثقافیة وتوسیع التفاعل والعلاقات بین المسلمین. وفی ضوء التاریخ الطویل والمشترکات الدینیة والثقافیة لشعوب المنطقة، فقد وفرت الزیارة الأربعینیة قدرة کامنة وإمکانیة للتعایش السلمی‌بین الأدیان والمذاهب وتعزیز التقارب بین شعوب المنطقة. أربعینیة الإمام الحسین علیه السلام توفر أرضیة خصبة للزائرین من أجل التعرف على ثقافة الشعوب الأخرى والمذاهب الإسلامیة، وعلى الرغم من وجود بعض الفروق وحتى الخلافات، إلا أنهم قد ارتبطوا ببعضهم الآخر وأظهروا نموذجاً للتقارب الإسلامی متجاهلین الفروق العرقیة والإثنیة والقومیة والمذهبیة.والحقیقة أن طریق النور هذا یثیر حفیظة أعداء الإسلام. ومن الواضح جداً أن أعداء الإسلام وخاصة الکیان الصهیونی یخشون مثل هذا التضامن والعظمة وسیحاولون بشتى الطرق بث الخلافات فی صفوف المسلمین وقرع طبول الفرقة والخلاف من أجل الترویج للأفکار المتطرفة فی الأراضی الإسلامیة.وتتطلب هذه الأعمال العدائیة مستوى عال من الیقظة من جانب شعوب المنطقة لمواجهة هذا الفکر الخبیث. إن تجاهل وسائل الإعلام الرئیسیة التابعة لنظام الهیمنة فی تغطیة هذا الحدث العالمی الکبیر أو اختزاله من خلال بث بعض المشاهد لمراسم العزاء وحتى تقدیم روایة مزیفة تحت عنوان محاولة أحد المذاهب للهیمنة الجیوسیاسیة على المذاهب الأخرى، فکل ذلک یدل على استیاءهم من تأثیر أربعینیة الإمام الحسین (ع) على إضفاء الهویة لجسد المجتمع الإسلامی. ومن السمات البارزة الأخرى للمسیرة الأربعینیة هو جانبه الشعبی والتطوعی، الذی استطاع أن یظهر بشکل جید جمیع الجوانب الإنسانیة لحدث شعبی على نطاق عالمی. وقد أدى هذا العامل إلى أن تصبح الأربعینیة مظهراً من مظاهر العلاقات الودیة والأخویة بین الشعبین الإیرانی والعراقی. إن حب الإمام الحسین (ع) قد ربط الشعبین الإیرانی والعراقی ببعضهما الآخر، وتعتبر الأربعینیة صورة جمیلة للرفقة والتضحیة وحسن الضیافة والتضامن بین الشعبین.لسنوات عدیدة، قدم الشعب العراقی باعتباره المضیف للمسیرة الأربعینیة الخدمة للزائرین من کافة الجنسیات، وخاصة إیران، بغض النظر عن الفروق المذهبیة والعرقیة. ویمکن القول أنه أثرت الزیارة الأربعینیة بشکل کبیر على تعزیز الأواصر والعلاقات بین الشعب العراقی والعدید من الدول، بما فی ذلک الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة. وفی هذا الصدد أرى لزاماً علیّ أن أعرب عن شکری وتقدیری للجهود التی بذلها المراجع العظام والعلماء والشعب والحکومة والمسؤولین فی العراق الصدیق والشقیق، والذین خلقوا هذه الأجواء الحمیمة للأربعینیة.إننا نعتبر الزیارة الأربعینیة مثالاً ناجحاً لسیاسة حسن الجوار ونولی أهمیة کبیرة على الفرص العظیمة التی تتوفر قبل الزیارة الأربعینیة على أساس المعنویة والروحانیة والثقافة المشترکة والتفاعلات الشعبیة. وقد بذلت حکومة آیة الله رئیسی قصارى جهدها من أجل تسهیل رحلة الزائرین من إیران وتسهیل الإجراءات المتعلقة بمرور الزائرین من دول أخرى فی المنطقة إلى العراق عبر بلدنا، ووضعت إجراءات عدیدة على جدول أعمالها، بما فی ذلک التطویر اللافت للبنیة التحتیة للنقل والاتصالات والصحة ومراقبة الجوازات على حدودها مع العراق والدول المجاورة الأخرى.ومع أخذ هذا الأمر بعین الاعتبار، فلطالما یسعى الجهاز الدبلوماسی، إلى جانب وزارة الداخلیة وباقی المنظمات والوزارات، إلى تطویر الخدمات المقدمة لزائری أربعینیة الإمام الحسین (ع). ومن أجل تحقیق هذا الهدف، فقد جرى التعاون الوثیق مع السلطات العراقیة لتسویة مختلف القضایا السیاسیة والقنصلیة لتسهیل رحلة الزائرین. ویشتمل هذا التعاون على سلسلة من الإجراءات للمسؤولین السیاسیین فی إیران والعراق ویجری متابعة ذلک من خلال الزیارات واللقاءات والاتصالات الهاتفیة والمراسلات الرسمیة بین البلدین.تبذل اللجنة السیاسیة والقنصلیة التابعة للجنة المرکزیة للزیارة الأربعینیة المتواجدة فی وزارة الشؤون الخارجیة وممثلیات الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی العراق بما فی ذلک السفارة الإیرانیة فی بغداد والقنصلیات التابعة لبلادنا فی کربلاء المقدسة والنجف الأشرف وأربیل والسلیمانیة و البصرة والدول الأخرى التی توفد زائری الأربعینیة تبذل قصارى جهدها للمساعدة فی إقامة المسیرة الأربعینیة الشعبیة، ومن هذا المنطلق، فإن مجموعة من زملائی فی وزارة الشؤون الخارجیة متواجدون طوعاً داخل العراق لتوفیر الخدمات القنصلیة على مدار الساعة.وإذ أتمنى التوفیق لجمیع زائری مرقد الإمام الحسین (ع) الطاهر، فأطلب من أعزائی الالتزام الکامل بالأنظمة والقوانین فی العراق، وأن یکونوا شاکرین للمضیفین العراقیین الکرماء. کما أؤکد أن یهتموا بتوصیات اللجنة المرکزیة للزیارة الأربعینیة وخدّامهم فی الحکومة ویبدأوا هذه المسیرة العظیمة على أساس ذلک. أسأل الله تعالى أن یتقبل صالح الأعمال من جمیع زائری أبی عبدالله الحسین (ع).
© 2019 - economy@mfa.ir